قصص قصيرة 🔸يا غافل
ﻗﺼﺔ ﺣﻘﻴﻘﻴﺔ ﻣﺆﺛﺮﺓ ﺟﺪﺍً ﻓﻴﻬﺎ ﻛﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﻋﻈﺔ ﻭﺍﻟﻌﺒﺮﺓ
ﻳﻘﻮﻝ ﺻﺎﺣﺐ ﺍﻟﻘﺼﺔ : ﻛﻨﺖ ﺷﺎﺑﺎً ﻏﺎﻓﻼً ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ، ﺑﻌﻴﺪﺍً ﻋﻨﻪ، ﻏﺎﺭﻗﺎً ﻓﻲ ﻟُﺠَﺞ ﺍﻟﻤﻌﺎﺻﻲ ﻭﺍﻵﺛﺎﻡ، ﻓﻠﻤﺎ ﺃﺭﺍﺩ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ ﺍﻟﻬﺪﺍﻳﺔ، ﻗﺪّﺭ ﻟﻲ ﺣﺎﺩﺛﺎً ﺃﻋﺎﺩﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺭﺷﺪﻱ، ﻭﺭﺩّﻧﻲ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺍﺑﻲ .. ﻭﺇﻟﻴﻜﻢ ﺍﻟﻘﺼﺔ :
ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ، ﻭﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﻀﻴﻨﺎ ﺃﻳﺎﻣﺎً ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻓﻲ ﻧﺰﻫﺔ ﻋﺎﺋﻠﻴﺔ ﻓﻲ ﻣﺪﻳﻨﺔ ﺍﻟﺪﻣﺎﻡ، ﺍﻧﻄﻠﻘﺖُ ﺑﺴﻴﺎﺭﺗﻲ ﻋﺒﺮ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ ﺍﻟﺴﺮﻳﻊ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺪﻣﺎﻡ ﻭﺍﻟﺮﻳﺎﺽ ﻭﻣﻌﻲ ﺃﺧﻮﺍﺗﻲ ﺍﻟﺜﻼﺙ، ﻭﺑﺪﻝ ﺃﻥ ﺃﺩﻋﻮ ﺑﺪﻋﺎﺀ ﺍﻟﺴﻔﺮ ﺍﻟﻤﺄﺛﻮﺭ، ﺍﺳﺘﻔﺰﻧﻲ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ ﺑﺼﻮﺗﻪ، ﻭﺃﺟﻠﺐ ﻋﻠﻲّ ﺑﺨَﻴﻠﻪ ﻭﺭَﺟﻠﻪ، ﻭﺯﻳﻦ ﻟﻲ ﺳﻤﺎﻉ ﻟﻬﻮ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ﺍﻟﻤﺤﺮﻡ ﻷﻇﻞ ﺳﺎﺩﺭﺍً ﻏﺎﻓﻼً ﻋﻦ ﺍﻟﻠﻪ .
ﻟﻢ ﺃﻛﻦ ﺣﻴﻨﺬﺍﻙ ﺃﺣﺮﺹ ﻋﻠﻰ ﺳﻤﺎﻉ ﺇﺫﺍﻋﺔ ﺍﻟﻘﺮﺁﻥ ﺍﻟﻜﺮﻳﻢ ﺃﻭ ﺍﻷﺷﺮﻃﺔ ﺍﻹﺳﻼﻣﻴﺔ ﺍﻟﻨﺎﻓﻌﺔ ﻟﻠﻤﺸﺎﻳﺦ ﻭﺍﻟﻌﻠﻤﺎﺀ، ﻷﻥ ﺍﻟﺤﻖ ﻭﺍﻟﺒﺎﻃﻞ ﻻ ﻳﺠﺘﻤﻌﺎﻥ ﻓﻲ ﻗﻠﺐ ﺃﺑﺪﺍً .
ﺇﺣﺪﻯ ﺃﺧﻮﺍﺗﻲ ﻛﺎﻧﺖ ﺻﺎﻟﺤﺔ ﻣﺆﻣﻨﺔ، ﺫﺍﻛﺮﺓ ﻟﻠﻪ، ﺣﺎﻓﻈﺔ ﻟﺤﺪﻭﺩﻩ .. ﻃﻠﺒﺖْ ﻣﻨﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﻜﺖَّ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺒﺎﻃﻞ، ﻭﺃﺳﺘﻤﻊ ﺇﻟﻰ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺤﻖ، ﻭﻟﻜﻦ ... ﺃﻧﻰ ﻟﻲ ﺃﻥ ﺃﺳﺘﺠﻴﺐ ﻟﺬﻟﻚ ﻭﻗﺪ ﺍﺳﺘﺤﻮﺫ ﻋﻠﻲّ ﺍﻟﺸﻴﻄﺎﻥ، ﻭﻣﻠﻚ ﻋﻠﻲّ ﺟﻮﺍﺭﺣﻲ ﻭﻓﺆﺍﺩﻱ، ﻓﺄﺧﺬﺗﻨﻲ ﺍﻟﻌﺰﺓ ﺑﺎﻹﺛﻢ ﻭﺭﻓﻀﺖُ ﻃﻠﺒﻬﺎ، ﻭﻗﺪ ﺷﺎﺭﻛﻨﻲ ﻓﻲ ﺫﻟﻚ ﺃﺧﺘﺎﻱ ﺍﻷﺧﺮﻳﺎﻥ .. ﻭﻛﺮﺭﺕْ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺔ ﻃﻠﺒﻬﺎ ﻓﺎﺯﺩﺩﺕُّ ﻋﻨﺎﺩﺍً ﻭﺇﺻﺮﺍﺭﺍً، ﻭﺃﺧﺬﻧﺎ ﻧﺴﺨﺮ ﻣﻨﻬﺎ ﻭﻧﺤﺘﻘﺮﻫﺎ، ﺑﻞ ﺇﻧﻲ ﻗﻠﺖُ ﻟﻬﺎ ﺳﺎﺧﺮﺍً : ﺃﻥ ﺃﻋﺠﺒﻚ ﺍﻟﺤﺎﻝ ﻭﺇﻻ ﺃﻧﺰﻟﺘُﻚِ ﻋﻠﻰ ﻗﺎﺭﻋﺔ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ .
ﻓﺼﻤّﺘﺖ ﺃﺧﺘﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﻀﺾ، ﻭﻗﺪ ﻛـﺮﻫﺖْ ﻫـﺬﺍ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺑﻘﻠﺒﻬﺎ، ﻭﺃﺩّﺕ ﻣﺎ ﻋﻠﻴـﻬﺎ، ﻭﺍﻟﻠﻪ - ﺳﺒﺤﺎﻧﻪ - ﻻ ﻳﻜﻠﻒ ﻧﻔﺴﺎً ﺇﻻ ﻭﺳﻌﻬﺎ .
ﻭﻓﺠﺄﺓً .. ﻭﺑﻘﺪﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﻠﻪ ﺳﺒﻖ، ﺍﻧﻔﺠﺮﺕ ﺇﺣﺪﻯ ﻋﺠﻼﺕ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻭﻧﺤﻦ ﻧﺴﻴﺮ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﺷﺪﻳﺪﺓ، ﻓﺎﻧﺤﺮﻓﺖ ﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﻄﺮﻳﻖ، ﻭﻫﻮﺕ ﻓﻲ ﻣﻨﺤﺪﺭ ﺟﺎﻧﺒﻲ، ﻓﺄﺻﺒﺤﺖ ﺭﺃﺳﺎً ﻋﻠﻰ ﻋﻘﺐ ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﺍﻧﻘﻠﺒﺖْ ﻋﺪﺓ ﻣﺮﺍﺕ، ﻭﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﻓﻲ ﺣﺎﻝ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻬﺎ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ﺍﻟﻌﻠﻲ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ، ﻓﺎﺟﺘﻤﻊ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﺣﻮﻝ ﺳﻴﺎﺭﺗﻨﺎ ﺍﻟﻤﻨﻜﻮﺑﺔ، ﻭﻗﺎﻡ ﺃﻫﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﺑﺈﺧﺮﺍﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﺑﻴﻦ ﺍﻟﺤﻄﺎﻡ ﻭﺍﻟﺰﺟﺎﺝ ﺍﻟﻤﺘﻨﺎﺛﺮ .. ﻭﻟﻜﻦ ... ﻣﺎ ﺍﻟﺬﻱ ﺣﺪﺙ؟
ﻟﻘﺪ ﺧﺮﺟﻨﺎ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺳﺎﻟﻤﻴﻦ - ﺇﻻ ﻣﻦ ﺑﻌﺾ ﺍﻹﺻﺎﺑﺎﺕ ﺍﻟﺒﺴﻴﻄﺔ - ﻣﺎ ﻋﺪﺍ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﻤﺆﻣﻨﺔ .. ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺼﺎﺑﺮﺓ .. ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﻄﻴﺒﺔ .
ﻓﻘﺪ ﻟﻔﻈﺖ ﺃﻧﻔﺎﺳﻬﺎ ﺍﻷﺧﻴﺮﺓ ﺗﺤﺖ ﺍﻟﺮﻛﺎﻡ .
ﻧﻌﻢ .. ﻟﻘﺪ ﻣﺎﺗﺖ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻨﺎ ﺗﺴﺘﻬﺰﺉ ﺑﻬﺎ، ﻭﺍﺧﺘﺎﺭﻫﺎ ﺍﻟﻠﻪ ﺇﻟﻰ ﺟﻮﺍﺭﻩ، ﻭﺇﻧﻲ ﻷﺭﺟﻮ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻥ ﻓﻲ ﻋﺪﺍﺩ ﺍﻟﺸﻬﺪﺍﺀ ﺍﻷﺑﺮﺍﺭ ﻭﺃﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﺃﻥ ﻳﺮﻓﻊ ﻣﻨﺰﻟﺘﻬﺎ ﻭﻳُﻌﻠﻲ ﻣﻜﺎﻧﺘﻬﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺕ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ .
ﺃﻣﺎ ﺃﻧﺎ ﻓﻘﺪ ﺑﻜﻴﺖُ ﻋﻠﻰ ﻧﻔﺴﻲ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺃﺑﻜﻲ ﺇﻟﻰ ﺃﺧﺘﻲ، ﻭﺍﻧﻜﺸﻒ ﻋﻨﻲ ﺍﻟﻐﻄﺎﺀ، ﻓﺄﺑﺼﺮﺕ ﺣﻘﻴﻘﺔ ﻧﻔﺴﻲ ﻭﻣﺎ ﻛﻨﺖُ ﻓﻴﻪ ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ ﻭﺍﻟﻀﻴﺎﻉ، ﻭﻋﻠﻤﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻠﻪ - ﺟﻞ ﻭﻋﻼ - ﻗﺪ ﺃﺭﺍﺩ ﺑﻲ ﺧﻴﺮﺍً ﻭﻛﺘﺐ ﻟﻲ ﻋﻤﺮﺍً ﺟﺪﻳﺪﺍً، ﻷﺑﺪﺃ ﺣﻴﺎﺓ ﺟﺪﻳﺪﺓ ﻣﻠﺆﻫﺎ ﺍﻹﻳﻤﺎﻥ ﻭﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺼﺎﻟﺢ .
ﺃﻣﺎ ﺃﺧﺘﻲ ﺍﻟﺤﺒﻴﺒﺔ ﻓﻜﻠﻤﺎ ﺗﺬﻛﺮﺗﻬﺎ ﺃﺫﺭﻑ ﺩﻣﻮﻉ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﻭﺍﻟﻨﺪﻡ، ﻭﺃﺗﺴﺎﺀﻝ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﻫﻞ ﺳﻴﻐﻔﺮ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻲ؟ ﻓﺄﺟﺪ ﺍﻟﺠﻮﺍﺏ ﻓﻲ ﻛﺘﺎﺏ ﺍﻟﻠﻪ - ﻋﺰ ﻭﺟﻞ - ﻓﻲ ﻗﻮﻟﻪ ﺗﻌﺎﻟﻰ : ( ﻗﻞ ﻳﺎ ﻋﺒﺎﺩﻱ ﺍﻟﺬﻳﻦ ﺃﺳﺮﻓﻮﺍ ﻋﻠﻰ ﺃﻧﻔﺴﻬﻢ ﻻ ﺗﻘﻨﻄﻮﺍ ﻣﻦ ﺭﺣﻤﺔ ﺍﻟﻠﻪ، ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻳﻐﻔﺮ ﺍﻟﺬﻧﻮﺏ ﺟﻤﻴﻌﺎً ﺇﻧﻪ ﻫﻮ ﺍﻟﻐﻔﻮﺭ ﺍﻟﺮﺣﻴﻢ ) .
ﻭﺧﺘﺎﻣﺎً ﺃﺣﺬّﺭﻛﻢ - ﺇﺧﻮﺍﻧﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻠﻪ - ﻣﻦ ﺍﻟﻐﻔﻠﺔ، ﻓﺄﻓﻴﻘﻮﺍ ﺃﻳﻬﺎ ﺍﻟﻐﺎﻓﻠﻮﻥ، ﻭﺧﺬﻭﺍ ﻣﻦ ﻏﻴﺮﻛﻢ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ ﻗﺒﻞ ﺃﻥ ﺗﻜﻮﻧﻮﺍ ﻟﻐﻴﺮﻛﻢ ﻋﺒﺮﺓ .
ﻓﻴﺎ ﻏﺎﻓﻼً ﻓﻲ ﻏﻤـﺮﺓ ﺍﻟﺠﻬﻞ ﻭﺍﻟﻬـﻮﻯ *** ﺻﺮﻳﻊ ﺍﻷﻣﺎﻧـﻲ ﻋﻦ ﻗﺮﻳﺐٍ ﺳﺘﻨـﺪﻡ
ﺃﻓﻖْ ﻗﺪ ﺩﻧﺎ ﺍﻟﻴـﻮﻡ ﺍﻟﺬﻱ ﻟﻴﺲ ﺑﻌـﺪﻩ *** ﺳﻮﻯ ﺟﻨﺔ ﺃﻭ ﺣــﺮَّ ﻧــﺎﺭ ﺗﻀﺮَّﻡ
ﻭﺑﺎﻟﺴﻨـﺔ ﺍﻟﻐﺮّﺍﺀ ﻛﻦ ﻣﺘﻤﺴﻜـــﺎً *** ﻫﻲ ﺍﻟﻌُﺮﻭﺓ ﺍﻟﻮُﺛﻘﻰ ﺍﻟﺘﻲ ﻟﻴـﺲ ﺗُﻔﺼﻢ
ﺗﻤﺴّﻚ ﺑﻬﺎ ﻣَﺴﻚ ﺍﻟﺒﺨﻴـﻞ ﺑﻤﺎﻟـــﻪ *** ﻭﻋُﺾَّ ﻋﻠﻴﻬـﺎ ﺑﺎﻟﻨَّﻮﺍﺟﺬ ﺗﺴﻠـــﻢ
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء