قصص قصيرة 🔸ﻧﻌﻤﺔ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ


ﺍﻟﻘﺼﺔ ﻛﻤﺎ ﻳﺮﻭﻳﻬﺎ ﺻﺎﺣﺒﻬﺎ :
ﻗﺼﺔ ﺟﻤﻴﻠﺔ ﻓﻌﻼً ﻭﺃﺑﻜﺘﻨﻲ ,,
ﻓﻲ ﺇﺣﺪﻯ ﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮﺍﺕ ﻭﺻﻠﺖ ﻭﺭﻗﺔ ﺻﻐﻴﺮﺓ ﻛُﺘﺒﺖ ﺑﺨﻂٍ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺿﺢ
ﺗﻤﻜﻨﺖ ﻣﻦ ﻗﺮﺍﺀﺗﻬﺎ ﺑﺼﻌﻮﺑﺔ ﺑﺎﻟﻐﺔ ... ﻣﻜﺘﻮﺏ ﺑﻬﺎ :
ﻓﻀﻴﻠﺔ ﺍﻟﺸﻴﺦ
: ﻫﻞ ﻟﺪﻳﻚ ﻗﺼﺔ ﻋﻦ ﺃﺻﺤﺎﺏ ﺃﻭ ﺃﺧﻮﺍﻥ .. ﺃﺛﺎﺑﻚ ﺍﻟﻠﻪ؟؟
ﻛﺎﻧﺖ ﺻﻴﻐﺔ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺿﺤﺔ، ﻭﺍﻟﺨﻂ ﻏﻴﺮ ﺟﻴﺪ ...
ﺳﺄﻟﺖ ﺻﺪﻳﻘﻲ : ﻣﺎﺫﺍ ﻳﻘﺼﺪ ﺑﻬﺬﺍ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ؟
ﻭﺿﻌﺘﻬﺎ ﺟﺎﻧﺒﺎً، ﺑﻌﺪ ﺃﻥ ﻗﺮﺭﺕ ﻋﺪﻡ ﻗﺮﺍﺀﺗﻬﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ...
ﻭﻣﻀﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻓﻲ ﻣﺤﺎﺿﺮﺗﻪ ﻭﺍﻟﻮﻗﺖ ﻳﻤﻀﻲ ...
ﺃﺫﻥ ﺍﻟﻤﺆﺫﻥ ﻟﺼﻼﺓ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ...
ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮﺓ، ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻵﺫﺍﻥ ﻋﺎﺩ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻳﺸﺮﺡ ﻟﻠﺤﺎﺿﺮﻳﻦ
ﻃﺮﻳﻘﺔ ﺗﻐﺴﻴﻞ ﻭﺗﻜﻔﻴﻦ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻋﻤﻠﻴﺎً .....
ﻭﺑﻌﺪﻫﺎ ﻗﻤﻨﺎ ﻷﺩﺍﺀ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺸﺎﺀ ....
ﻭﺃﺛﻨﺎﺀ ﺫﻟﻚ ﺃﻋﻄﻴﺖ ﺃﻭﺭﺍﻕ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ﻟﻠﺸﻴﺦ
ﻭﻣﻨﺤﺘﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻗﺮﺭﺕ ﺃﻥ ﺍﺳﺘﺒﻌﺪﻫﺎ
ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻥ ﺍﻟﻤﺤﺎﺿﺮﺓ ﻗﺪ ﺍﻧﺘﻬﺖ ....
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﻃﻠﺐ ﺍﻟﺤﻀﻮﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺃﻥ ﻳﺠﻴﺐ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺳﺌﻠﺔ ....
ﻋﺎﺩ ﻳﺘﺤﺪﺙ ﻭﻋﺎﺩ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻳﺴﺘﻤﻌﻮﻥ ....
ﻭﻣﻀﻰ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ﺍﻷﻭﻝ ﻭﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺍﻟﺜﺎﻟﺚ ..
ﻫﻤﻤﺖ ﺑﺎﻟﺨﺮﻭﺝ ، ﺍﺳﺘﻮﻗﻔﻨﻲ ﺻﻮﺕ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻭﻫﻮ ﻳﻘﺮﺃ ﺍﻟﺴﺆﺍﻝ ....
ﻟﻦ ﻳﺠﻴﺐ ﻓﺎﻟﺴﺆﺍﻝ ﻏﻴﺮ ﻭﺍﺿﺢ .... ﻗﻠﺖ :
ﻟﻜﻦ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﺻﻤﺖ ﻟﺤﻈﺔ ﺛﻢ ﻋﺎﺩ ﻳﺘﺤﺪﺙ :
ﺟﺎﺀﻧﻲ ﻓﻲ ﻳﻮﻡ ﻣﻦ ﺍﻷﻳﺎﻡ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﻟﺸﺎﺏ ﻟﻢ ﻳﺒﻠﻎ ﺍﻷﺭﺑﻌﻴﻦ
ﻭﻣﻊ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺃﻗﺎﺭﺑﻪ ، ﻟﻔﺖ ﺍﻧﺘﺒﺎﻫﻲ ، ﺷﺎﺏ ﻓﻲ ﻣﺜﻞ ﺳﻦ ﺍﻟﻤﻴﺖ ﻳﺒﻜﻲ ﺑﺤﺮﻗﺔ ،
ﺷﺎﺭﻛﻨﻲ ﺍﻟﻐﺴﻴﻞ ، ﻭﻫﻮ ﺑﻴﻦ ﺧﻨﻴﻦ ﻭﻧﺸﻴﺞ ﻭﺑﻜﺎﺀ ﺭﻫﻴﺐ ﻳﺤﺎﻭﻝ ﻛﺘﻤﺎﻧﻪ
ﺃﻣﺎ ﺩﻣﻮﻋﻪ ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺗﺠﺮﻱ ﺑﻼ ﺍﻧﻘﻄﺎﻉ .....
ﻭﺑﻴﻦ ﻟﺤﻈﺔٍ ﻭﺃﺧﺮﻯ ﺃﺻﺒﺮﻩ ﻭﺃﺫﻛﺮﻩ ﺑﻌﻈﻢ ﺃﺟﺮ ﺍﻟﺼﺒﺮ ...
ﻭﻟﺴﺎﻧﻪ ﻻ ﻳﺘﻮﻗﻒ ﻋﻦ ﻗﻮﻝ :
ﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ ، ﻻ ﺣﻮﻝ ﻭﻻ ﻗﻮﺓ ﺇﻻ ﺑﺎﻟﻠﻪ ...
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺮﻳﺤﻨﻲ ﻗﻠﻴﻼً ....
ﺑﻜﺎﺅﻩ ﺃﻓﻘﺪﻧﻲ ﺍﻟﺘﺮﻛﻴﺰ ، ﻫﺘﻔﺖ ﺑﻪ ﺑﺎﻟﺸﺎﺏ ..
ﺇﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﺭﺣﻢ ﺑﺄﺧﻴﻚ ﻣﻨﻚ، ﻭﻋﻠﻴﻚ ﺑﺎﻟﺼﺒﺮ
ﺍﻟﺘﻔﺖ ﻧﺤﻮﻱ ﻭﻗﺎﻝ
: ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺃﺧﻲ
ﺃﻟﺠﻤﺘﻨﻲ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ، ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ ، ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ﻭﻫﺬﺍ ﺍﻟﻨﺤﻴﺐ
ﻧﻌﻢ ﺇﻧﻪ ﻟﻴﺲ ﺃﺧﻲ ،
ﻟﻜﻨﻪ ﺃﻏﻠﻰ ﻭﺃﻋﺰ ﻋﻠﻲّ ﻣﻦ ﺃﺧﻲ
...
ﺳﻜﺖ ﻭﺭﺣﺖ ﺃﻧﻈﺮ ﺇﻟﻴﻪ ﺑﺘﻌﺠﺐ ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻭﺍﺻﻞ ﺣﺪﻳﺜﻪ ..
ﺇﻧﻪ ﺻﺪﻳﻖ ﺍﻟﻄﻔﻮﻟﺔ ، ﺯﻣﻴﻞ ﺍﻟﺪﺭﺍﺳﺔ ، ﻧﺠﻠﺲ ﻣﻌﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺼﻒ ﻭﻓﻲ ﺳﺎﺣﺔ
ﺍﻟﻤﺪﺭﺳﺔ ، ﻭﻧﻠﻌﺐ ﺳﻮﻳﺎً ﻓﻲ ﺍﻟﺤﺎﺭﺓ ، ﺗﺠﻤﻌﻨﺎ ﺑﺮﺍﺀﺓ ﺍﻷﻃﻔﺎﻝ ﻣﺮﺣﻬﻢ ﻭﻟﻬﻮﻫﻢ
ﻛﺒﺮﻧﺎ ﻭﻛﺒﺮﺕ ﺍﻟﻌﻼﻗﺔ ﺑﻴﻨﻨﺎ ، ﺃﺻﺒﺤﻨﺎ ﻻ ﻧﻔﺘﺮﻕ ﺇﻻ ﺩﻗﺎﺋﻖ ﻣﻌﺪﻭﺩﺓ ، ﺛﻢ
ﻧﻌﻮﺩ ﻟﻨﻠﺘﻘﻲ ، ﺗﺨﺮﺟﻨﺎ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺮﺣﻠﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻮﻳﺔ ﺛﻢ ﺍﻟﺠﺎﻣﻌﺔ ﻣﻌﺎً ....
ﺍﻟﺘﺤﻘﻨﺎ ﺑﻌﻤﻞ ﻭﺍﺣﺪ ...
ﺗﺰﻭﺟﻨﺎ ﺃﺧﺘﻴﻦ ، ﻭﺳﻜﻨﺎ ﻓﻲ ﺷﻘﺘﻴﻦ ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﺘﻴﻦ ..
ﺭﺯﻗﻨﻲ ﺍﻟﻠﻪ ﺑﺎﺑﻦ ﻭﺑﻨﺖ ، ﻭﻫﻮ ﺃﻳﻀﺎً ﺭُﺯﻕ ﺑﺒﻨﺖ ﻭﺍﺑﻦ ...
ﻋﺸﻨﺎ ﻣﻌﺎً ﺃﻓﺮﺍﺣﻨﺎ ﻭﺃﺣﺰﺍﻧﻨﺎ ، ﻳﺰﻳﺪ ﺍﻟﻔﺮﺡ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻳﺠﻤﻌﻨﺎ
ﻭﺗﻨﺘﻬﻲ ﺍﻷﺣﺰﺍﻥ ﻋﻨﺪﻣﺎ ﻧﻠﺘﻘﻲ ...
ﺍﺷﺘﺮﻛﻨﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ﻭﺍﻟﺸﺮﺍﺏ ﻭﺍﻟﺴﻴﺎﺭﺓ ...
ﻧﺬﻫﺐ ﺳﻮﻳﺎً ﻭﻧﻌﻮﺩ ﺳﻮﻳﺎً ...
ﻭﺍﻟﻴﻮﻡ
... ﺗﻮﻗﻔﺖ ﺍﻟﻜﻠﻤﺔ ﻋﻠﻰ ﺷﻔﺘﻴﻪ ﻭﺃﺟﻬﺶ ﺑﺎﻟﺒﻜﺎﺀ ...
ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﻫﻞ ﻳﻮﺟﺪ ﻓﻲ ﺍﻟﺪﻧﻴﺎ ﻣﺜﻠﻨﺎ
؟؟ .....
ﺧﻨﻘﺘﻨﻲ ﺍﻟﻌﺒﺮﺓ
، ﺗﺬﻛﺮﺕ ﺃﺧﻲ ﺍﻟﺒﻌﻴﺪ ﻋﻨﻲ ، ﻻ . ﻻ ﻳﻮﺟﺪ ﻣﺜﻠﻜﻤﺎ ...
ﺃﺧﺬﺕ ﺃﺭﺩﺩ ،
ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ ، ﻭﺃﺑﻜﻲ ﺭﺛﺎﺀ ﻟﺤﺎﻟﻪ ...
ﺍﻧﺘﻬﻴﺖ ﻣﻦ ﻏﺴﻠﻪ ، ﻭﺃﻗﺒﻞ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻳﻘﺒﻠﻪ ....
ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺍﻟﻤﺸﻬﺪ ﻣﺆﺛﺮﺍً ، ﻓﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺸﻖ ﻣﻦ ﺷﺪﺓ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ
ﺣﺘﻰ ﻇﻨﻨﺖ ﺃﻧﻪ ﺳﻴﻬﻠﻚ ﻓﻲ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻠﺤﻈﺔ ...
ﺭﺍﺡ ﻳﻘﺒﻞ ﻭﺟﻬﻪ ﻭﺭﺃﺳﻪ ، ﻭﻳﺒﻠﻠﻪ ﺑﺪﻣﻮﻋﻪ ...
ﺃﻣﺴﻚ ﺑﻪ ﺍﻟﺤﺎﺿﺮﻭﻥ ﻭﺃﺧﺮﺟﻮﻩ ﻟﻜﻲ ﻧﺼﻠﻲ ﻋﻠﻴﻪ ...
ﻭﺑﻌﺪ ﺍﻟﺼﻼﺓ ﺗﻮﺟﻬﻨﺎ ﺑﺎﻟﺠﻨﺎﺯﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻘﺒﺮﺓ ...
ﺃﻣﺎ ﺍﻟﺸﺎﺏ ﻓﻘﺪ ﺃﺣﺎﻁ ﺑﻪ ﺃﻗﺎﺭﺑﻪ ...
ﻓﻜﺎﻧﺖ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﺗﺤﻤﻞ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﻛﺘﺎﻑ ، ﻭﻫﻮ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﺗﺪﺏ ﻋﻠﻰ ﺍﻷﺭﺽ ﺩﺑﻴﺒﺎً ...
ﻭﻋﻨﺪ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻗﻒ ﺑﺎﻛﻴﺎً ، ﻳﺴﻨﺪﻩ ﺑﻌﺾ ﺃﻗﺎﺭﺑﻪ ..
ﺳﻜﻦ ﻗﻠﻴﻼً ، ﻭﻗﺎﻡ ﻳﺪﻋﻮ ، ﻭﻳﺪﻋﻮ ...
ﺍﻧﺼﺮﻑ ﺍﻟﺠﻤﻴﻊ ..
ﻋﺪﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻤﻨﺰﻝ ﻭﺑﻲ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺰﻥ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﻣﺎ ﻻ ﻳﻌﻠﻤﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺗﻘﻒ ﻋﻨﺪﻩ ﺍﻟﻜﻠﻤﺎﺕ ﻋﺎﺟﺰﺓ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﻌﺒﻴﺮ ...
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺜﺎﻧﻲ ﻭﺑﻌﺪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ
، ﺣﻀﺮﺕ ﺟﻨﺎﺯﺓ ﻟﺸﺎﺏ ، ﺃﺧﺬﺕ ﺃﺗﺄﻣﻠﻬﺎ ،
ﺍﻟﻮﺟﻪ ﻟﻴﺲ ﻏﺮﻳﺐ
، ﺷﻌﺮﺕ ﺑﺄﻧﻨﻲ ﺃﻋﺮﻓﻪ ، ﻭﻟﻜﻦ ﺃﻳﻦ ﺷﺎﻫﺪﺗﻪ :...
ﻧﻈﺮﺕ ﺇﻟﻰ ﺍﻷﺏ ﺍﻟﻤﻜﻠﻮﻡ ، ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻮﺟﻪ ﺃﻋﺮﻓﻪ ...
ﺗﻘﺎﻃﺮ ﺍﻟﺪﻣﻊ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻳﻪ ، ﻭﺍﻧﻄﻠﻖ ﺍﻟﺼﻮﺕ ﺣﺰﻳﻨﺎً ..
ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﻟﻘﺪ ﻛﺎﻥ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻣﻊ ﺻﺪﻳﻘﻪ ....
ﻳﺎ ﺷﻴﺦ ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻛﺎﻥ ﻳﻨﺎﻭﻝ ﺍﻟﻤﻘﺺ ﻭﺍﻟﻜﻔﻦ ، ﻳﻘﻠﺐ ﺻﺪﻳﻘﻪ ، ﻳﻤﺴﻚ ﺑﻴﺪﻩ ،
ﺑﺎﻷﻣﺲ ﻛﺎﻥ ﻳﺒﻜﻲ ﻓﺮﺍﻕ ﺻﺪﻳﻖ ﻃﻔﻮﻟﺘﻪ ﻭﺷﺒﺎﺑﻪ ، ﺛﻢ ﺍﻧﺨﺮﻁ ﻓﻲ ﺍﻟﺒﻜﺎﺀ ....
ﺍﻧﻘﺸﻊ ﺍﻟﺤﺠﺎﺏ ، ﺗﺬﻛﺮﺗﻪ ، ﺗﺬﻛﺮﺕ ﺑﻜﺎﺀﻩ ﻭﻧﺤﻴﺒﻪ ..
ﺭﺩﺩﺕ ﺑﺼﻮﺕ ﻣﺮﺗﻔﻊ : ﻛﻴﻒ ﻣﺎﺕ ؟
ﻋﺮﺿﺖ ﺯﻭﺟﺘﻪ ﻋﻠﻴﻪ ﺍﻟﻄﻌﺎﻡ ، ﻓﻠﻢ ﻳﻘﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺗﻨﺎﻭﻟﻪ ، ﻗﺮﺭ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﻡ
ﻭﻋﻨﺪ ﺻﻼﺓ ﺍﻟﻌﺼﺮ ﺟﺎﺀﺕ ﻟﺘﻮﻗﻈﻪ ﻓﻮﺟﺪﺗﻪ
ﻭﻫﻨﺎ ﺳﻜﺖ ﺍﻷﺏ ﻭﻣﺴﺢ ﺩﻣﻌﺎً ﺗﺤﺪﺭ ﻋﻠﻰ ﺧﺪﻳﻪ
ﺭﺣﻤﻪ ﺍﻟﻠﻪ ﻟﻢ ﻳﺘﺤﻤﻞ ﺍﻟﺼﺪﻣﺔ ﻓﻲ ﻭﻓﺎﺓ ﺻﺪﻳﻘﻪ ،
ﻭﺃﺧﺬ ﻳﺮﺩﺩ :
ﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ ... ﺇﻧﺎ ﻟﻠﻪ ﻭﺇﻧﺎ ﺇﻟﻴﻪ ﺭﺍﺟﻌﻮﻥ ،
ﺍﺻﺒﺮ ﻭﺍﺣﺘﺴﺐ ، ﺍﺳﺄﻝ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﻳﺠﻤﻌﻪ ﻣﻊ ﺭﻓﻴﻘﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﺠﻨﺔ ،
ﻳﻮﻡ ﺃﻥ ﻳﻨﺎﺩﻱ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ ﻋﺰ ﻭﺟﻞ :
ﺃﻳﻦ ﺍﻟﻤﺘﺤﺎﺑﻴﻦ ﻓﻲِّ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺃﻇﻠﻬﻢ ﻓﻲ ﻇﻠﻲ ﻳﻮﻡ ﻻ ﻇﻞ ﺇﻻ ﻇﻠﻲ ...
ﻗﻤﺖ ﺑﺘﻐﺴﻴﻠﻪ ، ﻭﺗﻜﻔﻴﻨﻪ ، ﺛﻢ ﺻﻠﻴﻨﺎ ﻋﻠﻴﻪ ...
ﺗﻮﺟﻬﻨﺎ ﺑﺎﻟﺠﻨﺎﺯﺓ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﻘﺒﺮ ، ﻭﻫﻨﺎﻙ ﻛﺎﻧﺖ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ...
ﻟﻘﺪ ﻭﺟﺪﻧﺎ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﻤﺠﺎﻭﺭ ﻟﻘﺒﺮ ﺻﺪﻳﻘﻪ ﻓﺎﺭﻏﺎً ..
ﻗﻠﺖ ﻓﻲ ﻧﻔﺴﻲ : ﻣﺴﺘﺤﻴﻞ .. ﻣﻨﺬ ﺍﻷﻣﺲ ﻟﻢ ﺗﺄﺕ ﺟﻨﺎﺯﺓ ، ﻟﻢ ﻳﺤﺪﺙ ﻫﺬﺍ ﻣﻦ ﻗﺒﻞ ...
ﺃﻧﺰﻟﻨﺎﻩ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﺍﻟﻔﺎﺭﻍ ، ﻭﺿﻌﺖ ﻳﺪﻱ ﻋﻠﻰ ﺍﻟﺠﺪﺍﺭ ﺍﻟﺬﻱ ﻳﻔﺼﻞ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ، ﻭﺃﻧﺎ ﺃﺭﺩﺩ،
ﻳﺎ ﻟﻬﺎ ﻣﻦ ﻗﺼﺔ ﻋﺠﻴﺒﺔ ، ﺍﺟﺘﻤﻌﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺻﻐﺎﺭﺍً ﻭﻛﺒﺎﺭﺍً
ﻭﺟﻤﻌﺖ ﺍﻟﻘﺒﻮﺭ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﺃﻣﻮﺍﺗﺎً ...
ﺧﺮﺟﺖ ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺒﺮ ﻭﻭﻗﻔﺖ ﺃﺩﻋﻮ ﻟﻬﻤﺎ :
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﺍﻏﻔﺮ ﻟﻬﻤﺎ ﻭﺃﺭﺣﻤﻬﻤﺎ
ﺍﻟﻠﻬﻢ ﻭﺍﺟﻤﻊ ﺑﻴﻨﻬﻤﺎ ﻓﻲ ﺟﻨﺎﺕ ﺍﻟﻨﻌﻴﻢ ﻋﻠﻰ ﺳﺮﺭ ﻣﺘﻘﺎﺑﻠﻴﻦ
ﻓﻲ ﻣﻘﻌﺪ ﺻﺪﻕ ﻋﻨﺪ ﻣﻠﻴﻚ ﻣﻘﺘﺪﺭ
ﻭﻣﺴﺤﺖ ﺩﻣﻌﺔ ﺟﺮﺕ ، ﺛﻢ ﺍﻧﻄﻠﻘﺖ ﺃﻋﺰﻱ ﺃﻗﺎﺭﺑﻬﻤﺎ ..
ﺍﻧﺘﻬﻰ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻣﻦ ﺍﻟﺤﺪﻳﺚ ، ﻭﺃﻧﺎ ﻭﺍﻗﻒ ﻗﺪ ﺃﺻﺎﺑﻨﻲ ﺍﻟﺬﻫﻮﻝ
ﻭﺗﻤﻠﻜﺘﻨﻲ ﺍﻟﺪﻫﺸﺔ ، ﻻ ﺇﻟﻪ ﺇﻻ ﺍﻟﻠﻪ ، ﺳﺒﺤﺎﻥ ﺍﻟﻠﻪ
ﻭﺣﻤﺪﺕ ﺍﻟﻠﻪ ﺃﻥ ﺍﻟﻮﺭﻗﺔ ﻭﺻﻠﺖ ﻟﻠﺸﻴﺦ ﻭﺳﻤﻌﺖ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﻤﺜﻴﺮﺓ
ﻭﺍﻟﺘﻲ ﻟﻮ ﺣﺪﺛﻨﻲ ﺑﻬﺎ ﺃﺣﺪ ﻟﻤﺎ ﺻﺪﻗﺘﻬﺎ ..
ﻭﺃﺧﺬﺕ ﺃﺩﻋﻮ ﻟﻬﻤﺎ ﺑﺎﻟﺮﺣﻤﺔ ﻭﺍﻟﻤﻐﻔﺮﺓ
ﻗﺼﺔ ﺫﻛﺮﻫﺎ ﺍﻟﺸﻴﺦ ﻋﺒﺎﺱ ﺑﺘﺎﻭﻱ ﻣﻐﺴﻞ ﺍﻷﻣﻮﺍﺕ
**
ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﺔ ﻣﻌﻨﻰ ﺟﻤﻴﻞ ﻭﺍﻷﺟﻤﻞ ﻣﻨﻪ ﺍﻟﺼﺪﺍﻗﻪ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﻪ
ﻓﻠﺘﻜﻦ ﺩﺍﺋﻤﺎً ﺻﺪﻳﻘﺎً ﺻﺪﻭﻗﺎً ﻭﺑﺎﺩﺭ ﺩﻭﻣﺎً ﺑﺎﻟﺼﻠﺢ ﻭﻛﻦ ﻧﻌﻢ ﺍﻟﺼﺪﻳﻖ،
ﻓﺮﺏّ ﺃﺥ ﻟﻢ ﺗﻠﺪﻩ ﻟﻚ ﺃﻣﻚ
ﻓﺎﻟﺼﺪﻳﻖ ﺍﻟﺼﺪﻭﻕ ﻫﻮ ﻣﻦ ﻳﺪﻭﻡ، ﻻ ﺻﺪﻳﻖ ﺍﻟﻤﺼﻠﺤﺔ ﻓﻘﻂ،
ﻭﺻﺪﻳﻘﻚ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻲ ﻫﻮ ﻣﻦ ﺻﺪَﻗَﻚ ﺑﺎﻟﻘﻮﻝ ﻭﺍﻟﻔﻌﻞ ﻭﺧﺎﺻﺔ ﻋﻨﺪ ﺍﻟﺸﺪﺍﺋﺪ ﻻ
ﻣﻦ ﺻﺪّﻗﻚ ﻭﺃﻭﻣﺄ ﺑﺮﺃﺳﻪ
شكرا لك ولمرورك