ﻗﺼﺔ ﻣﻜﺘﺸﻒ ﺍﻟﺒﻨﺴﻠﻴﻦ :
ﻛﺎﻥ ﻳﻌﻴﺶ ﻓﻼﺡ ﻓﻘﻴﺮ ﻳﺪﻋﻰ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻛﺎﻥ ﻳﻌﺎﻧﻲ ﻣﻦ ﺿﻴﻖ ﺫﺍﺕ ﺍﻟﻴﺪ ﻭﺍﻟﻔﻘﺮ ﺍﻟﻤﺪﻗﻊ، ﻟﻢ ﻳﻜﻦ ﻳﺸﻜﻮ ﺃﻭ ﻳﺘﺬﻣﺮ ﻟﻜﻨﻪ ﻛﺎﻥ ﺧﺎﺋﻔﺎ ﻋﻠﻰ ﺍﺑﻨﻪ ﻓﻠﺬﺓ ﻛﺒﺪﻩ، ﻓﻬﻮ ﻗﺪ ﺍﺳﺘﻄﺎﻉ ﺗﺤﻤﻞ ﺷﻈﻒ ﺍﻟﻌﻴﺶ ﻭﻟﻜﻦ ﻣﺎﺫﺍ ﻋﻦ ﺍﺑﻨﻪ؟
ﻭﻫﻮ ﻣﺎﺯﺍﻝ ﺻﻐﻴﺮًﺍ ﻭﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﻟﻴﺴﺖ ﻟﻌﺒﺔ ﺳﻬﻠﺔ، ﺇﻧﻬﺎ ﻣﺤﻔﻮﻓﺔ ﺑﺎﻟﻤﺨﺎﻃﺮ، ﻛﻴﻒ ﺳﻴﻌﻴﺶ ﻓﻲ ﻋﺎﻟﻢ ﻻ ﻳﺆﻣﻦ ﺳﻮﻯ ﺑﻘﻮﺓ ﺍﻟﻤﺎﺩﺓ؟
ﺫﺍﺕ ﻳﻮﻡ ﻭﺑﻴﻨﻤﺎ ﻳﺘﺠﻮﻝ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻓﻲ ﺃﺣﺪ ﺍﻟﻤﺮﺍﻋﻲ، ﺳﻤﻊ ﺻﻮﺕ ﻛﻠﺐ ﻳﻨﺒﺢ ﻧﺒﺎﺣًﺎ ﻣﺴﺘﻤﺮًﺍ، ﻓﺬﻫﺐ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﺑﺴﺮﻋﺔ ﻧﺎﺣﻴﺔ ﺍﻟﻜﻠﺐ ﺣﻴﺚ ﻭﺟﺪ ﻃﻔﻼً ﻳﻐﻮﺹ ﻓﻲ ﺑﺮﻛﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻮﺣﻞ ﻭﻋﻠﻰ ﻣﺤﻴﺎﻩ ﺍﻟﺮﻗﻴﻖ ﺗﺮﺗﺴﻢ ﺃﻋﺘﻰ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﺮﻋﺐ ﻭﺍﻟﻔﺰﻉ، ﻳﺼﺮﺥ ﺑﺼﻮﺕ ﻏﻴﺮ ﻣﺴﻤﻮﻉ ﻣﻦ ﻫﻮﻝ ﺍﻟﺮﻋﺐ .
ﻭﻟﻢ ﻳﻔﻜﺮ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﺑﻞ ﻗﻔﺰ ﺑﻤﻼﺑﺴﻪ ﻓﻲ ﺑﺤﻴﺮﺓ ﺍﻟﻮﺣﻞ، ﺃﻣﺴﻚ ﺑﺎﻟﺼﺒﻲ، ﺃﺧﺮﺟﻪ ﺃﻧﻘﺬ ﺣﻴﺎﺗﻪ .
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻴﻮﻡ ﺍﻟﺘﺎﻟﻲ ﺟﺎﺀ ﺭﺟﻞ ﺗﺒﺪﻭ ﻋﻠﻴﻪ ﻋﻼﻣﺎﺕ ﺍﻟﻨﻌﻤﺔ ﻭﺍﻟﺜﺮﺍﺀ ﻓﻲ ﻋﺮﺑﺔ ﻣﺰﺭﻛﺸﺔ ﺗﺠﺮﻫﺎ ﺧﻴﻮﻝ ﻣﻄﻬﻤﺔ ﻭﻣﻌﻪ ﺣﺎﺭﺳﺎﻥ، ﺍﻧﺪﻫﺶ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻣﻦ ﺯﻳﺎﺭﺓ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﺮﻱ ﻟﻪ ﻓﻲ ﺑﻴﺘﻪ، ﻫﻨﺎ ﺃﺩﺭﻙ ﺇﻧﻪ ﻭﺍﻟﺪ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬﻩ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻮﺕ .
ﻗﺎﻝ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﺮﻱ ﻟﻮ ﻇﻠﻠﺖ ﺃﺷﻜﺮﻙ ﻃﻮﺍﻝ ﺣﻴﺎﺗﻲ ﻓﻠﻦ ﺃﻭﻓﻲ ﻟﻚ ﺣﻘﻚ، ﺃﻧﺎ ﻣﺪﻳﻦ ﻟﻚ ﺑﺤﻴﺎﺓ ﺍﺑﻨﻲ، ﺍﻃﻠﺐ ﻣﺎ ﺷﺌﺖ ﻣﻦ ﺃﻣﻮﺍﻝ ﺃﻭ ﻣﺠﻮﻫﺮﺍﺕ ﺃﻭ ﻣﺎ ﻳﻘﺮ ﻋﻴﻨﻚ .
ﺃﺟﺎﺏ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﺳﻴﺪﻱ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ، ﺃﻧﺎ ﻟﻢ ﺃﻓﻌﻞ ﺳﻮﻯ ﻣﺎ ﻳﻤﻠﻴﻪ ﻋﻠﻲّ ﺿﻤﻴﺮﻱ ﻭ ﺃﻱ ﻓﻼﺡ ﻣﺜﻠﻲ ﻛﺎﻥ ﺳﻴﻔﻌﻞ ﻣﺜﻠﻤﺎ ﻓﻌﻠﺖ، ﻓﺎﺑﻨﻚ ﻫﺬﺍ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻨﻲ ﻭﺍﻟﻤﻮﻗﻒ ﺍﻟﺬﻱ ﺗﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﻛﺎﻥ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﻤﻜﻦ ﺃﻥ ﻳﺘﻌﺮﺽ ﻟﻪ ﺍﺑﻨﻲ ﺃﻳﻀﺎ .
ﺃﺟﺎﺏ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﺮﻱ ﺣﺴﻨـًﺎ، ﻃﺎﻟﻤﺎ ﺗﻌﺘﺒﺮ ﺍﺑﻨﻲ ﻣﺜﻞ ﺍﺑﻨﻚ، ﻓﺄﻧﺎ ﺳﺄﺧﺬ ﺍﺑﻨﻚ ﻭﺃﺗﻮﻟﻰ ﻣﺼﺎﺭﻳﻒ ﺗﻌﻠﻴﻤﻪ ﺣﺘﻲ ﻳﺼﻴﺮ ﺭﺟﻼً ﻣﺘﻌﻠﻤًﺎ ﻧﺎﻓﻌًﺎ ﻟﺒﻼﺩﻩ ﻭﻗﻮﻣﻪ .
ﻟﻢ ﻳﺼﺪﻕ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻃﺎﺭ ﻣﻦ ﺍﻟﺴﻌﺎﺩﺓ، ﺃﺧﻴﺮًﺍ ﺳﻴﺘﻌﻠﻢ ﺍﺑﻨﻪ ﻓﻲ ﻣﺪﺍﺭﺱ ﺍﻟﻌﻈﻤﺎﺀ، ﻭﺑﺎﻟﻔﻌﻞ ﺗﺨﺮﺝ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﻣﻦ ﻣﺪﺭﺳﺔ ﺳﺎﻧﺖ ﻣﺎﺭﻱ ﻟﻠﻌﻠﻮﻡ ﺍﻟﻄﺒﻴﺔ، ﻭﺃﺻﺒﺢ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮ ﺭﺟﻼً ﻣﺘﻌﻠﻤًﺎ ﺑﻞ ﻋﺎﻟﻤًﺎ ﻛﺒﻴﺮًﺍ، ﻧﻌﻢ ﻓﺬﺍﻙ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﻫﻮ ﻧﻔﺴﻪ ﺳﻴﺮ ﺃﻟﻜﺴﻨﺪﺭ ﻓﻠﻤﻨﺞ ( 1881 - 1955 ) ﻣﻜﺘﺸﻒ ﺍﻟﺒﻨﺴﻠﻴﻦ penicillin ﻓﻲ ﻋﺎﻡ 1929 ، ﺃﻭﻝ ﻣﻀﺎﺩ ﺣﻴﻮﻱ ﻋﺮﻓﺘﻪ ﺍﻟﺒﺸﺮﻳﺔ ﻋﻠﻰ ﺍﻹﻃﻼﻕ، ﻭﻳﻌﻮﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺍﻟﻘﻀﺎﺀ ﻋﻠﻰ ﻣﻌﻈﻢ ﺍﻷﻣﺮﺍﺽ ﺍﻟﻤﻴﻜﺮﻭﺑﻴﺔ ، ﻛﻤﺎ ﺣﺼﻞ ﺃﻟﻜﺴﻨﺪﺭ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﻋﻠﻰ ﺟﺎﺋﺰﺓ ﻧﻮﺑﻞ ﻓﻲ ﻋﺎﻡ .1945
ﻟﻢ ﺗﻨﺘﻪ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻘﺼﺔ ﺍﻟﺠﻤﻴﻠﺔ ﻫﻜﺬﺍ ﺑﻞ ﺣﻴﻨﻤﺎ ﻣﺮﺽ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺍﻟﺜﺮﻱ ﺑﺎﻟﺘﻬﺎﺏ ﺭﺋﻮﻱ، ﻛﺎﻥ ﺍﻟﺒﻨﺴﻠﻴﻦ ﻫﻮ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬ ﺣﻴﺎﺗﻪ، ﻧﻌﻢ ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺼﺎﺩﻓﺎﺕ ﺍﻟﻐﺮﻳﺒﺔ، ﻟﻜﻦ ﺍﻧﺘﻈﺮ ﺍﻟﻤﻔﺎﺟﺄﺓ ﺍﻷﻛﺒﺮ، ﻓﺬﺍﻙ ﺍﻟﺼﺒﻲ ﺍﺑﻦ ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﺜﺮﻱ ﺍﻟﺬﻱ ﺃﻧﻘﺬ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﺍﻷﺏ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺮﺓ ﻭﺃﻧﻘﺬ ﺃﻟﻜﺴﻨﺪﺭ ﻓﻠﻤﻨﺞ ﺍﻻﺑﻦ ﺣﻴﺎﺗﻪ ﻣﺮﺓ ﺛﺎﻧﻴﺔ ﺑﻔﻀﻞ ﺍﻟﺒﻨﺴﻠﻴﻦ .
ﺭﺟﻞ ﺷﻬﻴﺮ ﻟﻠﻐﺎﻳﺔ ﻓﺎﻟﺜﺮﻱ ﻳﺪﻋﻰ ﺍﻟﻠﻮﺭﺩ ﺭﺍﻧﺪﻭﻟﻒ ﺗﺸﺮﺷﻞ، ﻭﺍﺑﻨﻪ ﻳﺪﻋﻰ ﻭﻧﺴﺘﻮﻥ ﺗﺸﺮﺷﻞ، ﺃﻋﻈﻢ ﺭﺋﻴﺲ ﻭﺯﺭﺍﺀ ﺑﺮﻳﻄﺎﻧﻲ ﻋﻠﻰ ﻣﺮ ﺍﻟﻌﺼﻮﺭ، ﺍﻟﺮﺟﻞ ﺍﻟﻌﻈﻴﻢ ﺍﻟﺬﻱ ﻗﺎﺩ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺿﺪ ﻫﺘﻠﺮ ﺍﻟﻨﺎﺯﻱ ﺃﻳﺎﻡ ﺍﻟﺤﺮﺏ ﺍﻟﻌﺎﻟﻤﻴﺔ ﺍﻟﺜﺎﻧﻴﺔ ( 1939 - 1945 ) ﻭﻳﻌﻮﺩ ﻟﻪ ﺍﻟﻔﻀﻞ ﻓﻲ ﺍﻧﺘﺼﺎﺭ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﺤﻠﻔﺎﺀ ( ﺍﻧﺠﻠﺘﺮﺍ ﻭﻓﺮﻧﺴﺎ ﻭﺍﻟﻮﻻﻳﺎﺕ ﺍﻟﻤﺘﺤﺪﺓ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ ﻭﺍﻻﺗﺤﺎﺩ ﺍﻟﺴﻮﻓﻴﺘﻲ ) ﻋﻠﻰ ﻗﻮﺍﺕ ﺍﻟﻤﺤﻮﺭ ( ﺃﻟﻤﺎﻧﻴﺎ ﻭﺍﻟﻴﺎﺑﺎﻥ ) .
ﻫﺬﻩ ﺍﻟﺤﻜﺎﻳﺔ ﺍﻟﻌﺠﻴﺒﺔ ﺑﺪﺃﺕ ﺑﻔﻼﺡ ﺍﺳﻜﺘﻠﻨﺪﻱ ﺑﺴﻴﻂ ﻓﻘﻴﺮ ﺃﻧﻘﺬ ﻃﻔﻼً ﺻﻐﻴﺮًﺍ، ﻓﻌﻼً ﻋﻤﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮ ﻻ ﻳﻨﺘﻬﻲ ﺃﺑﺪًﺍ ﻭﺍﻟﻤﺤﺒﺔ ﻻ ﺗﺴﻘﻂ ﺃﺑﺪًﺍ .
ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ : ﺇﺫﺍ ﻋﻤﻠﺖ ﻣﻌﺮﻭﻓﺎ ﻓﻼ ﺗﻨﺘﻈﺮ ﺷﻜﺮًﺍ ﻣﻦ ﺃﺣﺪ، ﻭﻳﻜﻔﻴﻚ ﺛﻮﺍﺏ ﺍﻟﻮﺍﺣﺪ ﺍﻟﺼﻤﺪ، ﻭﺛﻖ ﺗﻤﺎﻣًﺎ ﺑﺄﻧﻪ ﻟﻦ ﻳﻀﻴﻊ ﺃﺑﺪ، ﺍﻟﺤﻜﻤﺔ ﺍﻟﺤﻘﻴﻘﻴﺔ ﻫﻲ ﺍﻥ ﺍﻟﻠﻪ ﻣﺪﺑﺮ ﺍﻟﻜﻮﻥ ﻭ ﻳﻴﺴﺮ ﻟﺘﺤﻘﻴﻖ ﺫﻟﻚ ﺍﻻﺳﺒﺎﺏ ﺍﻟﺘﻲ ﻳﻀﻦ ﺍﻟﺒﻌﺾ ﺍﻧﻬﺎ ﻣﺼﺎﺩﻓﺔ ﻏﺮﻳﺒﻪ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﻫﻲ ﺗﺪﺑﻴﺮ ﺍﻟﺤﻜﻴﻢ ﺍﻟﻌﺰﻳﺰ .
ﺍﻟﻢ ﻳﻮﺿﻊ ﺳﻴﺪﻧﺎ ﻣﻮﺳﻲ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻢ ﻻ ﺗﺮﻋﺎﻩ ﺍﻻ ﺍﻟﻌﻨﺎﻳﺔ ﺍﻻﻟﻬﻴﺔ ﻭ ﻳﺘﺒﻨﺎﻩ ﺍﺷﺪ ﺍﻟﻨﺎﺱ ﻛﻔﺮﺍ ﺑﺎﻟﻠﻪ، ﺍﻧﺬﺍﻙ ﻟﻴﻨﻤﻮ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﻄﻔﻞ ﻭ ﻳﻘﻀﻲ ﻋﻠﻰ ﺫﻟﻚ ﺍﻟﺠﺒﺎﺭ ﺍﻟﺠﺤﻮﺩ؟
تحويل كودإخفاء محول الأكواد الإبتساماتإخفاء